الحق في المدينة Right to the City

لقد تم غالباً فهم مصطلح الحرية بإطار معين ألا وهو الحريات السياسية والإعلامية والاجتماعية ويترافق هذا المصطلح غالباً مع مصطلح الديمقراطية الذي يضمن الحرية والعدالة للجميع وفق معايير معينة تضمنها الحكومات غالبا بما يتوافق مع المجتمع. ما سأطرحه حالياً لن يكون بعيداً كل البعد عن تلك الحريات والديمقراطيات ولكن بعد وضعه في سياق آخر نعيشه في حياتنا اليومية.

الحق في المدينة, هو شعار طرح لأول مرة من قبل عالم الاجتماع Henri Lefebvre عام 1968 في كتابه Le Droit à la ville أو الحق في المدينة.

طرح هذا الشعار عدة تساؤلات محاولاً عن طريقها لزيادة نسبة الحرية والعدالة المجتمعية في المدن بهدف الوصول الأمثل إلى الموارد الحضرية. واعتبر Lefebvre أن الحق في المدينة هو حق جماعي من حقوق الإنسان في إصلاح المدينة وتحسينها, وهو مظهر من مظاهر الإرادة الجماعية بحيث ينصب التركيز فيه على الطابع الجماعي والتشاركي لسكان المدينة وحقهم في التعبير عن إرادتهم الفردية في عملية التحضر وتمكين المشاركة الفعالة للمواطنين في شكل ديمقراطية مباشرة.

انتشرت عدد من الحركات الشعبية حول العالم، مثل حركة حق تحالف المدينة في الولايات المتحدة، وشبكة القاطنين والمستأجرين والفنانين في هامبورغ، وحركات مختلفة في آسيا وأمريكا اللاتينية، و أدرجت هذه الحركات فكرة الحق في المدينة في أفكارهم وأهدافهم. يأمل مناصروا هذا الشعار بأن يتمتع كافة سكان المدينة -بغض النظر عن عرقهم ومستواهم الاجتماعي والمادي أو المنصب الوظيفي- بكل مزايا المدينة والحياة الحضرية والثقافية والاجتماعية

من بعض مبادئ حركة (الحق في المدينة)

  •  “يتمتع جميع الأشخاص بالحق في المدينة دون تمييز على أساس الجنس أو العمر أو الحالة الصحية أو الدخل أو الجنسية أو العرق أو التوجه السياسي أو الديني أو الجنسي ، والحفاظ على الذاكرة والهوية الثقافية.
  • حق الانتفاع العادل للمدن في إطار مبادئ الاستدامة والديمقراطية والإنصاف والعدالة الاجتماعية. إنه حق جماعي لسكان المدن، لا سيما الفئات الضعيفة والمهمشة، على أساس استخداماتها وعاداتها، بهدف تحقيق الممارسة الكاملة للحق في تقرير مستوى معيشي لائق.
  • تُعد المناطق الحضرية والمناطق المحيطة بها أيضًا مساحات ومواقع لممارسة الحقوق الجماعية وتحقيقها كطريقة لضمان التوزيع العادل والمستدام للموارد والثروة والخدمات والسلع والفرص التي تقدمها المدن.
  • يشمل الحق في المدينة أيضاً الحق في التنمية ، وفي بيئة صحية ، وفي التمتع بالموارد الطبيعية والحفاظ عليها، والمشاركة في التخطيط والإدارة الحضريين ، والتراث التاريخي والثقافي.
  • جميع الأشخاص الذين يسكنون مدينة ، سواء بشكل دائم أو انتقالي ، يعتبروا مواطنيها.

الحق بمدينة خالية من الإقصاء الاجتماعي والمكاني

يهدف الشعار أيضاً إلى زيادة الوعي لدى سكان المدن بأهمية مشاركتهم في تقرير مصير (المدينة) عن طريق تساؤلات عديدة كـ من يحق له تصميم البيئة المحيطة بنا ومن يحق له تخطيط مدينتا, من يقوم بعملية التلاعب بأسعار الآجارات والعقارات ,من يمكنه الوصول إلى خدمات المدينة ولماذا تحوي مدننا على العديد من الأحياء المهمشة والمقصاة لأسباب عرقية أو دينية أو اجتماعية أو اقتصادية؟ ولماذا لا نسعى لمزيج على مستوى المدينة يحقق مصالح الجميع وعلى وجه الخصوص أولئك الذين لا يمكن أن يلبوا احتياجاتهم المحيط العمراني (من سكن أو آجار…) وكيف نصل إلى توزيع عادل لموارد المدينة كحدائقها وشوارعها وخدماتها.

غالباً ما يتعرض مناصرو هذا الشعار إلى انتقادات واسعة حيث تبدو هذه الفكرة مجرد يوتوبيا حضرية صعبة التحقيق بما أن إرادة الفرد وحريته متأثرة بشكل كبير باقتصاد وسياسة بلد ما كما أنها قد تتعارض بشكل كبير مع هدف المدينة وكفائتها الاقتصادية وهو لا يقدم عملياً حلولاً ملموسة للمشاكل الحضرية، لأنه لا يستطيع دائماً الوفاء بمصالح جميع المستخدمين وسكان المدن المختلفين باختلاف احتياجاتهم (اختلاف اقتصادي, جنسي, سياسي, اجتماعي).

الصورة المرفقة قد تكون مثالاً بسيطاً توضيحياً في مدينة دمشق لحي تتشابه فيه الشوارع والأبنية بهدف الاقتراب من تحقيق عدالة أكبر في المدن.

ملاحظة: مصدر الصورة الأصلية وتم التعديل عليها من قبل إياد قاعود

الكاتب: المهندس إياد قاعود

المصادر

World Charter for the Right to the City (1)

An Informational Right to the City? Code, Content, Control, and the Urbanization of Information, Shaw Joe, Mark Graham (2017).

Implementing the Right to the City in Brazil, the polis blog

Lefebvre; Henri (2016): Das Recht auf Stadt. Aus dem Französischen von Birgit Althaler. Hamburg

Mullis, Daniel (2014): Recht auf die Stadt: Von Selbstverwaltung und radikaler Demokratie. Münster